top of page

عبدالله وليد العنجري

Exeter, United Kingdom

anjari.jpeg
x.png

تهويد القُدس الشرقيّة: مُنذ النكسة إلى طوفان الأقصى

مُنذ احتلال "إسرائيل" للضفة الغربيّة (بما فيها القدس الشرقيّة) و قطاع غزة عام ١٩٦٧، سعى الاحتلال الإسرائيلي إلى تهويد

الضفة الغربيّة بشكل عام، و القُدس الشرقيّة بشكل خاص. مباشرةً بعد احتلال القدس الشرقيّة عام١٩٦٧، عملت "إسرائيل" بكامل قوتّها على تهويد المدينة بكافّة الطُرُق، حيث تم هدم منازل المقدسيّين بشكلٍ مُمنهج، وبالمقابل تم بناء عشرات المستوطنات للمستوطنين اليهود. الهدف الرئيسي من التهويد هو خلق أغلبيّة ديمُغرافيّة للإسرائيليين في القدس الشرقيّة، و تدرك "إسرائيل" جيّداً بأنه لا يمكنها خلق أغلبيّة ديمُغرافية لليهود في المدينة إلا عن طريق عمليات تطهير . عرقي تستهدف السُكان الأصليين (المقدسيّين)

 

قامت "إسرائيل" ببناء المستوطنات اليهوديّة في القُدس الشرقيّة على أنقاض منازل المقدسيّين لتحقيق هدفهم الديمغرافي، بالرغم من الاستنكارات و الإدانات الواسعة من قبل الأمم المتحدة لنشاط "إسرائيل" الاستيطاني، حيث أن كل مستوطنة تقوم "إسرائيل" ببنائها تُعتبر جريمة حرب 

 

وصل حزب الليكود اليميني للحكم لأوّل مرة عام ١٩٧٧، وعملت الحكومة الإسرائيلية فوراً بقيادة مناحيم بيغنو آريل شارون على تسريع النشاط الاستيطاني و عملية هدم منازل الفلسطينيين في قلب القدس الشرقيّة لدوافع دينيّة. قام المستوطنون اليهود بقيادة وزير الدفاع آنذاك، شارون، بالاستيلاء على منازل الفلسطينيين في البلدة القديمة للسكن فيها بعد طرد سكان هذه المنازل الأصليين.

 

قامت الحكومة الإسرائيلية بتمرير قانون عام ١٩٨٠ يضم القدس الشرقيّة للأراضي الإسرائيلية بشكل رسمي و علني، مدعيّة فيه بأن "القدس هي العاصمة الأبديّة لليهود"، و أن المدينة غير قابلة للتقسيم (بمعنى آخر، لن يتم التنازل عن الجانب الشرقي من المدينة في أي حالٍ من الأحوال). 

 

فرضت "إسرائيل" هيمنتها على القدس الشرقيّة بشكل كامل بعد اتفاقيّة أوسلو عام ١٩٩٣، حيث تم تطويق المدينة عن بقيّة أراضي الضفّة الغربيّة. حسب الأكاديمي الفلسطيني سليم تماري، أصبحت زيارة فلسطينيّي الضفة الغربيّة للقدس شبه مستحيلة بعد اتفاقيّة أوسلو، حيث أن أصبحت زيارة فلسطينييّ الضفة لنيويورك و باريس أسهل لهم من زيارة القُدس بعد عام ١٩٩٣.

 

استمرّت الحكومة الإسرائيليّة بتضييقها على المقدسيّين بكافّة الطُرق الممكنة، وبالمقابل سهلّت "إسرائيل" هجرة و استيطان اليهود من جميع أنحاء العالم في القدس الشرقيّة. أبرز مثال على ذلك هو محاولة استيلاء مجموعة من المستوطنين اليهود على منازل في حي الشيخ جرّاح بالقدس الشرقيّة عام ٢٠٢١، مما أدّى إلى تفاعل عالمي واسع وتضامُن مع أهالي الحيّ الذي سعت "إسرائيل" لطردهم و استبدالهم بمستوطنين إسرائيليين.

 

أمّا ما بعد عملية طوفان الأقصى في أكتوبر ٢٠٢٣، قامت "إسرائيل" بإبادة الفلسطينيين في قطاع غزّة، وفي الوقت ذاته سرّعت حكومة الاحتلال وتيرة تهويد القدس الشرقيّة بكل هدوء، مستغلّه انشغال المجتمع الدولي بأحداث غزّة. في حي سلوان وجبل المكبر في القدس الشرقيّة، قامت السُلطات الإسرائيلية بتكثيف عملية هدم منازل المقدسيون بعد ٧ أكتوبر. 

 

في فبراير ٢٠٢٤، هدم الاحتلال الإسرائيلي منزل أحد الناشطين المقدسيين هو فخري أبو دياب في حيسلوان، حيث اقتحم عدد كبير جنود الاحتلال للمنزل برفقة كلابهم البوليسيّة. في تصريح للجزيرة، ذكر أبودياب أن الاحتلال يُخطط لهدم جميع منازل حي سلوان، و هدم منزل أبو أديب هي رسالة لبقيّة سكان حي سلوان، بأنها مسألة وقت و يتم تفريغ حي سلوان من سكّانه.

 

على صعيدٍ آخر، قامت الحكومة الإسرائيلية بالاستيلاء على جزء من أراضي الحي الأرمني الذي يقع في البلدة القديمة بجانب المسجد الأقصى. في ١٥ نوفمبر، ٢٠٢٣، اقتحمت مجموعة من المستوطنين الإسرائيليين المُسلحّين قطعة في حي الأرمن بنيّة السيطرة على الحي و تفريغ الحي من سكّانه الأصليين. الجدير بالذكر هو أن تواجد الأرمن في فلسطين بشكل عام، و في القدس بشكلٍ خاص، لمئات السنين. بالرغم من تواجد الأرمن في هذا الحي منذ مئات السنين، تسعى السُلطات الإسرائيلية لتهويد هذا الحي لموقعه الاستراتيجي في البلدة القديمة، حيث يقع الحي بجانب الحي اليهودي و المسجد الأقصى.

 

بالإضافة إلى ذلك، بعد أحداث السابع من أكتوبر، قامت الحكومة الإسرائيلية بحرمان المُصليّن الفلسطينيينمن الصلاة في المسجد الأقصى المُبارك لأشهر طويلة، مما يُعتبر انتهاكًا صارخًا لحريّة العبادة. حذّرخطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري من مخططات "إسرائيل" التهويديّة في المسجد الأقصى، حيث سعى الاحتلال منذ السابع من أكتوبر لفرض حصار على المسجد لتفريغه من المُصليّن المسلمين. بالمقابل، في الوقت ذاته، اقتحم مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى تحت حماية الشرطة الإسرائيلية لاداء طقوسهم التلموديّة فيه. 

 

مع حلول شهر رمضان المبارك، وضعت "إسرائيل" قيوداً على آلاف المصلين الفلسطينيين للمسجد الأقصى، مما يُعتبر انتهاكًا جسيمًا لحريّة العبادة. لكن بالرغم من قيود الحكومة الإسرائيلية على المسجد الأقصى وحصارها له، تمكّن المقدسيوّن من كسر هذه القيود و الحصار على المسجد منذ بداية الشهر الفضيل، حيث صلّى آلاف المقدسيوّن في المسجد الأقصى في الليالي الأولى من رمضان.

All copyrights reserved to Nebras 2024

bottom of page