في زمن الرؤى
عبدالرحمن محمد الميع
Morgantown, WV
إنسدلت أوشح الرؤى وتَكَشَّفت مخططات الدول للمستقبل المرتقب العظيم. بادرت الحكومات بتشجيع مواطنيها وهبتهم عِلماً أن المستقبل أتٍ لا ريب فيه، وفَتحت باب المبادرة لوضْع حجر الأساس لارتقاء دول العالم الثالث للعوالم الأمثَل.
جَهلَ البعض وفَهِم البعض وضَاع الاكثر في زوبعة الافكار الجديدة والمشروعات الفريدة، حتى إنكَّب القلةُ الاقلّ من الاشخاص الذين يتمتعون بِبُعد النظر في إشراك مخططاتهم في الماراثون طويل الامد.
ولكن،
لكل من تبوّء مقعد المتفرج ولا يخطط للمشاركة، ولكل من يرى ان السنون لن تجري بالسرعة المخطط لها، أرجو الإنتباه وربط أحزمة الأمان للاتِ،
فكما لا نجهل أن التاريخ يُعيد نفسه، وأن الايام دول، فقد استشهد المرحوم عبدالله الماجد في عهد الشيخ سالم المبارك الصباح رحمه الله بمقولة "لو دامت لغيرك لما اتصلت اليك،" وقام بوضعها على باب قصر السيف. رحم الله الاجداد فقد عَرفوا أن لا شئ يدوم لأحد، وأن المستقبل متقلب الاحوال ولا أحد يستطيع أن يحزِر من سيكون في المقدمة ومن سيكون الأخير، ولكن تستطيع الدول أن تعمل على أن تكون في المقدمة وتخطط بكل ما أُوتيت من عقول و تضحيات.
التفكير بدون عمل، والعمل بدون تفكير. كلاهما يؤديان الى الفشل وإضاعة اما المجهود أو الافكار. من الجيد أن تضع الدولة مخططاتها وتوَّضح الطريق وتستوضح النتائج المتوقعة، ولكن اذا لم يبادر الشعب أكمله بإنجاح الامر بالعمل الجاد ودحض الفساد وكسر أسقُف الكساد، لن نصل بالمخططات الى ابعد من عتبة ابواب البيوت. شخصياً، أنا مؤمن كل الايمان أن الجيل الناشئ قادم بقوة ستزلزل صفحات تاريخ الكويت وتعيد ترتيب الأولويات وتغيّر وجه العالم أجمع لا الكويت فحسب. فجيلٌ في ريعان الشباب يشارك في المحافل الدولية ويبادر في النشاطات الإنسانية ويكتسح في الانشطة الرياضية ويسرق الأضواء في المسابقات العلمية جيلٌ لا يُستهان بِه. قد رأينا الكثير من الكفاءات الشبابية في الآونة الاخيرة، وتفاخرت الكويت بابنائها البارّين بها.
ولكن، هذا لا يكفي للارتقاء من العالم الثالث إلى العالم الأول، فعلى الرغم من كل هذا، نحن نفتقر الى الجد في نهضة الدولة بشكل عام لا الانجازات الفردية وحسب، نعم نستطيع حصد الملايين من الجوائز الدولية، ولكن هل غيرت هذه الجوائز أوضاع الدولة المتهالكة؟ هل ساهمت في وضع حد للفساد؟ هل أنجدت القضايا الحساسة في الدولة؟ لن تتغير الدولة بالانجازات الفردية، ولن تسمو بالمبادرات الناشئة عن محاولات لتطوير السيرة الذاتية بكل انانية. حرفياً، تَجِب علينا التضحية في معارك الدولة التي لن يسمع بها أحد، فكم من شخصٍ مجهول إعلامياً، حاول محاربة أنواع الفساد في الدوائر الحكومية ولكن لم يلقى الدعم المأمول، وكم من شخص حاول أن يجمع الشباب على طريق الرُقّي بالوطن بيدٍ واحدة، ولكن من انتبه؟
نعم، نحن على قارِعة الهلاك، لولا القيادة الحكيمة ومحاولاتها المستحيلة لإسعاف الكويت وانتشالها من ايدِ الدجالين وقطاع الطرق الدوليين.
وُضِعَت لنا الخطة، أُرينا الرؤية، فَهِمنا الدعوة، تبقّى منا أن نعزم على شد الاحزمة ونسيان الماضي والبدء بتغيير الحاضر لنيل مستقبل باهر.
رسالة لمن لا يهمه الأمر: اذا كُنت مِن مَن يرى أن الرؤى ستبقى رؤى، والخطة ستبقى قيد التنفيذ للأبد، والمحاولات ستبوء بالفشل دائماً، أرجو مِنك أن لا تظهَر من ظُلمَتِك عندما ننجح. نعم سننجح وسيرى الجميع كويتً جديدة، ولكن عندما تحين لحظة الانتصار، لا تخرج لتحتفل معنا، فأنت لا تستحق أن تشاركنا الفرحة بعد أن كدحنا وقاتلنا.
ستبقى الكويت للابد، والله خير الحافظين.