النسوية الحديثة المتناقضة
زينب البغلي
Irvine, CA
منذ طفولتي، كنت أشعر بالاختلاف.. فقد ترعرعت على أيدي ما يسمونه "بالنسوية"، تلك التي تعني الإيمان بقوة المرأة، بفهم مدى أهميتها، تشجيعها و تحفيزها لأن تنجز و تكون ذاتها، و الأهم من ذلك أن تناضل لتصل، هذا ما صقلني لأصبح على ما أنا عليه.
الوعي التام بأهمية و جمال الاختلاف. وعدم ترديد مقولة "المرأة و الرجل سواسية" فكيف لهم أن يتساووا و هم بكل ترتيب و إتقان و جمال طبيعي مختلفان ليتكاملا.
هم سواسية في الأهمية، سواسية في الحقوق، سواسية في القوة، لكنهم أقوياء بطرق و ألوان مختلفة، مما يجعل منهم فريق واحد يكمل بعضه بعضاً.
ما نراه اليوم من حملات "تجارية" للحركة النسوية ما هو إلا استغلال لهذا التيار و جرفة لجني مصالح خاصة. فقد حُولت المرأة إلى صورة رجل لتثبت له امكانياتها و قوتها! وإني أجدها أول حركة خذلان، حيث عليها أن تتخلى عن هويتها كأنثى وتتحول إلى "خصمها" الرجل، لتثبت له أنها قادره و مهمه! يوجد تناقض و ضعف غريب في هذا المفهوم.
و المحزن أيضاً في الأمر أنه تم تحويلهم من فريق واحد متكامل، إلى خصم يسعى أحدهم لأن يصرع الآخر، ينتظر خسارته أحياناً، وأحياناً أخرى يسعى لاثبات فشله. تلك العداوات خُلقت من مفاهيم خاطئة لا أصل لها ولا تُوافق الفطرة السليمة التي خُلقنا عليها.
من خلال خبرتي تعلمت أن لا اعتذر عن كوني عاطفية، وبأن مشاعري قوة.. وملاحظتي الدقيقة ميزة، وأن حجمي الصغير لا يحد من حجم امكانياتي، بل هو الحافز لكي أنجز، تعلمت بأن لِباسي و أنوثتي هم جزء من هويتي التي اخترتها، وحجابي رسالتي التي أحملها معي على الارض مذكرة بأننا خُلقنا مختلفين و بكل جمال متواجدين.
المرأة و الرجل سواسية بحجم أهميتهم لتكوين التوازن في المجتمع الواعي، الناجح والقوي. و لكنهم مختلفون في التكوين، كل ما عليهم فعله هو النظر إلى بعضهم البعض باحترام متبادل ليرفع أحدهما الآخر على كتفه ليصلا معاً ، فنحن لسنا في سباق إنما في مسيرة.