top of page

جمال الساير

الكويت

الساير.jpeg
x.png

الكهف الكويتي

‏كان أسلافنا الأوائل عندما يسكنون الكهوف لتأمين أنفسهم وحينما يستخدمون النار لطرد الحيوانات التي تهدد حياتهم ، إنما يفعلون ذلك لإيمانهم بأن هناكَ غداً سيأتي وعليهم البقاء لإستقباله بالأمل الضحوك ، مثلما هم يؤمنون بأن عليهم تطوير تفاصيل حياتهم لصنع حاضرٍ أفضل من الأمس الذي مضى ، ذلك ما تشهدُ لهم به حضارة الإنسانِ ، وبما تم إنجازه بعد كل هذه القرون وبشكل يفوق خيالهم آنذاك .

‏وقد قطعت المجتمعات البشرية طريقاً بالغ التطور والتخلف في آنٍ واحد ، فإنحرف المسار عن طريق الحكمة ، الذي يكاد أن يجمع عليه حكماء البشرية منذ عرف الإنسان تسجيل تاريخ الحضارات ، والذي ينادي بقيم الإنسانية ويدعو للعدل وتوحيد العمل البشري لما يعود بالخير على مستقبل الإنسان .

‏إذ أنَّ الأشرار لم و لن يدعوا الأخيار والحكماء ينجزون مشروعهم النبيل ، فإستولوا على مفاصل الحضارات و قادوها إلى جحيم المصالحِ والمكاسب ، وإلى حسابات الأرباحِ والخسائر ، وإلى نظريات الشك والريبةِ والتوجس ، ولم يعد للقيم البشرية النبيلة أولوية عند صُنَّاع القرار ، فإرتبكت رؤية البشرية وتعثر مشروع  حضارتها ، إلى ما ترونه اليوم من فشلٍ يكاد يشعر به الأثرياء قبل المشردون والجهلاء قبل العلماء ، وأصبح المُنْجَزُ الماديُّ هو العلامة الفارقة لحضارة هذا العصر .. ولا شيء سواه !

‏نحن في الكويت نشعر بأننا ما زلنا نحيا في كهوفنا الأولى ـ مع فارق التشبيه ـ على صعيد الإدارة وحقوق المواطنة ، فمنذ 60 عام ونحن نحاول أن نقنعَ الدولة بأن الديموقراطية ليست شعاراً أو حبراً على ورق ، وإنما هي أعمالٌ تمارس على أرض الواقع ، حيث صُرِفَتْ المليارات على مشاريع تكلفتها  الفعلية لا تتجاوز نصف قيمتها ، و إستثمروا في الطابوق والحجر ، وأهملوا الإدارة والبشر ، ما زالوا لم يقتنعوا وما زلنا على باب الكهف والوحوش خارجه ، الفرق الوحيد إن النار أصبحت في يدهم !! .. لكننا عازمون على الخروج لأننا على موعدٍ مع الغد !!

bottom of page